الجمعة، 9 يناير 2015

الحشد الشعبي وسياسية الأرض المحروقة



بسم الله الرحمن الرحيم

مركز الثورة العربية للأستشارات العسكرية

الحشد الشعبي وسياسية الأرض المحروقة

بعد مرور أكثر من 93 عاماً على صدور أخر فتوى للمرجعية الشيعية في النجف وأعلانها الجهاد أبان ثورة العشرين الخالدة ضد الاحتلال البريطاني وبعد هزيمة القوات الحكومية في نينوى والمناطق المحيطة في 10 حزيران 2014 وأقتراب مسلحوا تنظيم الدولة الاسلامية الذي أطلقت عليهم وسائل الاعلام تسمية (داعش) من العاصمة بغداد، أدركت المرجعية الشيعية حجم الخطر الزاحف على الحكومة الموالية وعلى هيمنة الشيعة على مقاليد السلطة ، لذلك أصدر المرجع الشيعي علي السيستانيفتوى الوجوب الكفائي(بالدفاع عن الارض والمقدسات وتأكيد المرجعية على دعهمها واسنادها لابناء القوات المسلحة) .
والجهاد الكفائي يعني تطوع عدد مناسب من الأشخاص للجهاد بما يحقق الغرض الذي من أجله تم اعلان الفتوى وهو رقم مفتوح يزيد او قد ينقص حسب الحاجة . وكان المرجع الايراني علي الخامنئي في مقدمة الداعمينلهذه الدعوة بقوله: (أنا على يقين بأن فتوى السيد السيستاني للجهاد الكفائي ألهام ألهي)، وأعتبرت المرجعية قتلى الحشد الشعبي شهداء.
وأستنفرت المراجع الدينية الشيعية الاخرى وحكومة المالكي والاحزاب الطائفية والفعاليات الشعبية وارتدى الجميع بما فيهم رجال الدين الشيعة الملابس العسكرية وحمل السلاح خوفاً تحسبا للخطر القادم الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية وفتحت ابواب التطوع وزج المتطوعين في معسكرات التدريب وشكلت هيئة تسمى ب (هيئة الحشد الشعبي) التي يرأسها اليوم هادي العامري زعيم منظمة بدر وهي مليشيا  تابعة الى ايران ويعاونه ابو مهدي المهندس وهو ارهابي معروف ومتهم بتفجيرات الكويت ولبنان ومطلوب دوليا. والتحق بهذا الحشد أعداد من المجرمين وأصحاب السوابق والعاطلين عن العمل.
وزجت ايران بقوتها العسكرية والمتطوعين على عجل لحماية العاصمة بغداد وسامراء تحت غطاء الاستجابة لفتوى السيستاني وحماية المقدسات الشيعية وأعتبرت المعركة الجارية مع التنظيم القريب من حدودها الغربية معركة تهدد الأمن القومي الايراني .
 وأرسلت ايران الطائرات المقاتلة نوع سيخوي والطائرات المسيرة وفتحت مراكز تنصت، ودفعت بشحنات كبيرة من الاسلحة والاعتدة لدعم واسناد هذا الحشد. ويعنرف ابو مهدي المهندس بأن ايران كانت ترسل يوميا طائرتين محملة بالأسلحة والأعتدة. كما تولى قائد فيلق القدس قاسم سليماني شخصياً قيادة الحشد الشيعي والمتطوعين والحرس الايراني في معارك أمرلي في محافظة صلاح الدين وجرف الصخر شمال بابل وفي سامراء والمناطق المحيطة بها.
وأطلقت يد المليشيات التابعة الى ايران( العصائب ، بدر ، حزب الله ، سرايا السلام- المهدي). وأعتبر الثلاثي (الشيعة والحكومة وايران) بان المعركة مع التنظيم معركة مصير وتهديد للوجود الشيعي في العراق.
وسخرت موارد وأموال الدولة العراقية لهذه المهمة لأغراض التسليح وصرف الارزاق ودفع الرواتب والمخصصات، وأستنزفت ميزانية عام 2014 لهذا الغرض فضلا عن زيادة حجم السرقات والفساد والتلاعب بأموال الدولة العراقية تحت هذا الغطاء.
مليشيا الحشد الشعبي تمثل أحد ادوات المرجعية الشيعية الطائفية  التي ترتبط بمكتب المرجع السيستاني مباشرة و تمارس ادوار خطيرة يمكن تحديدها بالأتي:
اولا- تعزيزقطعات الجيش والاشتراك بقتال تنظيم الدولة الاسلامية وبإعادة السيطرة على الاراضي من يد هذا التنظيم.
ثانيا- توليها قيادة الوحدات العسكرية المنهارة في قواطع شمال بغداد وسامراء والانبار وجنوب غرب بغداد وشمال بابل وصلاح الدين وبعد فقدان الثقة بالقادة والامرين نتيجة المعارك الاخيرة.
ثالثا- قتل واعتقال وتعذيب وأهانة وتشريد المواطنيين الأبرياء  وعلى الهوية .
رابعا- أعتماد سياسة الارض المحروقة في المناطق التي تدخلها وذلك بحرق وتهديم وتفجيرالبيوت والمنازل وتهديم المساجد وتجريف المزارع والبساتين وسرقة الممتلكات الشخصية والحيوانات والسيارات والمكائن الزراعية وأعتبارها كغنائم ومن ثم بيعها في ساحات مخصصة يطلق عليها (ساحات بيع غنائم السنة) وباسعار متدنية.
خامسا- القيام بالتهجير الطائفي لعوائل العرب السنة ومنع عودتهم  الى مناطق سكناهم وقراهم ومدنهم حتى في حالة اعادة السيطرة وانسحاب داعش مما أدى الى أزدياد أعداد النازحين الى اكثر من 2مليون نازح يعيشون في ظروف معاشية وجوية قاسية. كما تمارس البيشمركة الكردية ذات الدور بمنع النازحين من العودة الى المناطق العربية والتي تسميهابالمتنازع عليها.
سادسا- تستخدم مليشيا الحشد الشيعي كأداة للتغيير الديموغرافي في المناطق ذات الاغلبية السنية لاسيما في محافظة ديالى الحدودوية والتي يريد منها النظام الايراني امتداداً لاراضيها ومدخلا الى العاصمة بغداد وسامراء.
سابعا- أستغلال صفة الحشد والتسهيلات الامنية الممنوحة للقيام بأعمال خطف المواطنيين وأطلاق سراحهم مقابل مبالغ مالية كبيرة ولقد كثرت عصابات الخطف في بغداد بالذات وأصبحت تهدد حياة الابرياء.  
وبدلا من إعادة هيكلة وبناء القوات المسلحة العراقية وفق معايير المواطنة والمهنية وتطهير هذه المؤسسة من الفساد والتمييز الطائفي والعنصري وبلورة عقيدة عسكرية وطنية،تخطط الحكومة لأنخراط الحشد الشعبي بتشكيلات الحرس الوطني المزمع تشكيلها بالاتفاق مع الادارة الامريكية لقتال تنظيم الدولة الاسلامية وأستعادة المدن الخارجة من السيطرة، ويعد ذلك القرار أحد الحلول الترقيعية التي سيكون لها تداعيات خطيرة على وحدة وأستقرار العراق.

تقييم:
-        فتوى المرجع السيستاني بالجهاد الكفائي تعد تحريضاً ودعوة للمذهبية ساهمت باطلاق يد المليشيات وعصابات الاجرام بالقتل والتهجير والسرقة والنهب والارض المحروقة وعمليات الخطف وأفقار المناطق ذات الهوية العربية السنية التي شهدت أنتفاضة مباركة.منذ مطلع عام 2013
-        الحشد الشعبي كيان طائفيومسيسغير منظبط بات يشكل تهديداً للأمن الوطني،يستخدم هذا الحشد كأداة طائفية لغرض التطهير الطائفي والتغيير الديموغرافي وأستهداف حياة وأمن وسرقة ونهب ممتلكات المواطنيين الابرياء التي ولدت سخطاً  كبيرا لدى اوساط المجتمع العراقي.
-        ان الدور الايراني بالتدخل في العراق ومن قبل في سوريا ولبنان واليوم في اليمن وسط صمت المجتمع الدولي والعربي مؤشر على أطلاق يد النظام الايرانيوهيمنة مشروعه الطائفي والتوسعي في المنطقة وتهديد بقية العواصم والدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج العربي.

7 كانون الثاني 2015

الخميس، 18 سبتمبر 2014

السيناريو المحتمل لعمل التحالف الدولي ضد تنظيم داعش

بسم الله الرحمن الرحيم 

مركز الثورة العربية للأستشارات العسكرية 

السيناريو المحتمل لعمل التحالف الدولي ضد تنظيم داعش 

تعمل الادارة الامريكية بشكل دؤوب لجمع اكبرتحالف لمواجهة مايعرف بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) بعدما بدأ مسلحوا هذا التنظيم  بتهديد المصالح الامريكية في العراق والمنطقة، وتضمنت استحضارات المواجهة  تصريحات متكررة للرئيس اوباما وشرح إستراتيجية المواجهة وأنعقاد مؤتمرحلف الاطلسي (الناتو) في بريطانيا  يومي 4و5 ايلول وزيارات مكوكية لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري في دول المنطقة وأنعقاد مؤتمرجدة الذي حضرته الولايات المتحدة و10 دول عربية وتركيا وأخيراً أنعقاد مؤتمر باريس يوم 15أيلول الجاري . وقد بلغ عدد الدول المشاركة في هذا التحالف 45 دولة والرقم في تصاعد محتمل فيما أستبعد النظامين الايراني والسوري من هذه الائتلاف.   
و الغاية المعلنة من هذا التحرك كسب التأييد السياسي والعسكري الواسع للإستراتيجية الأمريكية وجمع اكبرحشد عسكري لمقاتلة مسلحي التنظيم الذين جاؤا من روسيا ودول اوربية وعربية ومسلمة، يعتقد الامريكيون ومن رواءهم الغرب وحتى روسيا بانها فرصة ملائمة لتجميع هؤلاء المسلحين وتوجيه ضربة قاصمة لهم وتخليص دولهم الأصلية منهم. الا أننا نرى ان لهذا الائتلاف ستكون له مهام وإستراتيجية كبرى تتجاوز مهمة القضاء على تنظيم داعش الى عملية كبيرة محتملة لتغيير وإعادة ترتيب خارطة المنطقة.  
لقد أستوعبت إدارة أوباما درس العراق جيداً وكيف مرغت المقاومة العراقية أنف جنودها بالوحل والحقت بهم خسائر بشرية ومادية ومعنوية ونفسية لذلك لن تلجأ الى الحرب البرية وأرسال قوات الى العراق وستعول على الضربات الجوية التي لن تحسم المواجهة على الأرض مع تنظيمات مسلحة تعتمد إستراتيجية حرب العصابات لذلك تسعى تلك الادارة لتشكيل صحوات جديدة من أبناء المحافظات العراقية المنتفضة وتناط بهم قتال التنظيم على الارض. 
في ضوء التحرك والاستقطاب الدولي المكثف نعتقد ستكون المواجهة ضمن السياق والإطار الأتي: 
اولا- فتح مقر مسيطر يهيمن عليه الأمريكيون تكون مهمته تنسيق وادارة العمليات وتوجيه الجهود المشتركة لدول التحالف وتوزيع المسؤوليات. 
ثانيا- التركيز على حرب المعلومات والاستخبارات لجمع المعلومات عن المقرات القيادية ومواقع التنظيم وتمركز قواته وأماكن الأسلحة الثقيلة من دبابات ومدرعات ومدفعية واسلحة مقاومة الطائرات الغنائم من القوات العراقية في الموصل وتكريت وأماكن انفتاحها على الاراضي العراقية و السورية. ووسائل ومصادر جمع المعلومات ستكون متاحة من خلال الاقمار الصناعية وطائرات الاستطلاع والطائرات المسيرة والحرب الالكترونية ودوريات الاستطلاع العميق والمصادر المحلية المتيسرة. 
ثالثا- استخدام الطائرات المقاتلة والطائرات المسيرة التي تنطلق من شمال العراق ودول الجوار والبحر المتوسط  لضرب تجمعات ومقرات وتحركات الارتال وأصطياد قياداته العليا ، وتقديم الاسناد الجوي للقوات البرية والمليشيات والبيشمركة والصحوات وكذلك القيام بذات الادوار للجماعات السورية التي قررت قتال داعش. 
رابعا- السعي لتشكيل صحوات عراقية جديدة من ابناء المحافظات السنية التي سيطر عليها داعش (نينوى وأجزاء من صلاح الدين والانبار ) تحت مسميات جديدة حرس وطني وتسليحها وتجهيزها وتدريبها، ومن ثم تكلفيها بواجب مقاتلة ومطاردة داعش بعدما ثبت للأمريكان وحلفائهم صعوبة قيام الجيش العراقي الحالي والبيشمركة بهذه المهمة في الوقت الراهن. 
خامسا- تقديم الدعم اللوجستي وتسهيلات التدريب وتسليح  الجماعات السورية التي أبدت استعدادها لمقاتلة داعش داخل الاراضي السورية. 
سادسا- القيام بالعمليات الإنسانية والإغاثية كأنقاذ واخلاء اللاجئين والنازحين واقامة المخيمات وتقديم المساعدات الطبية والغذائية  . 
وخلاصة القول ستكون مهمة القتال والاشتباك على قوات الجيش العراقي الحالي والصحوات الجديدة والبيشمركة الكردية بينما سيكلف الجهد الدولي بتقديم الاسناد الجوي والمعلومات والاسناد اللوجيستي والتدريبي والتسليح والتجهيز. أما الدعم المادي ستكلف به وتقدمه دول الخليج العربي النفطية والتي ستفتح قواعدها وأراضيها وأجوائها أمام الجهد والحشد الجوي والبري للتحالف الدولي. وأن هناك تغييرات جيوسياسية وديموغرافية محتملة في المنطقة التي سيعاد ترتيبها وفق المنظور الامريكي والصهيوني. 
15 ايلول 2014

الخميس، 31 يوليو 2014

الثورات العربية بين المخاض العسير والفجر الجديد

                                بسم الله الرحمن الرحيم 

                مركز الثورة العربية للأستشارات العسكرية 

           الثورات العربية بين المخاض العسير والفجر الجديد 

                                                             صباح العجيلي 

* استمرار الثورات في العراق وسوريا ومصر واليمن وليبيا 
* حرب غزة وصمود أبنائها ثورة تحرير شعبية ضد الأحتلال الصهيوني  
* أصطفاف المشروع الصهيوني الأمريكي- الصفوي لإجهاض الثورات  
*تحويل ساحات الثورات الى فوضى واقتتال لعزلها عن الحاضنة الشعبية 

الثورات في الاقطار العربية تشهد تأمراً وتحركاً عميقا لمنعها من تحقيق أهدافها بالتحرر وتقويض معاهدة سايكس بيكو 1917 وبزوغ فجر الأمة الجديد وتوحدها وبلورة مشروعها النهضوي الذي يحقق للأمة وشعوبها مكانتها السياسية والأجتماعية والإنسانية والحضارية و الرفعة والريادة على المستوى الدولي . 
لقد تفاجأت الامبريالية والصهيونية العالمية والصفويين الجدد بأنطلاق الثورات العربية في المكان والزمان وكانت الثورات حدثاً ومنعطفا مهما على المستوى الاقليمي والدولي، وبعد قرأتها واعادة التقييم الشاملة وتقدير حجم الخسائر التي ستتعرض لها على المستويات كافة أستنفرت أجهزتها العميقة من الدبلوماسية والمخابرات ووسائل الاعلام وتسخيرالأموال والألة العسكرية الغاشمة لحماية الانظمة القائمة الموالية لها و تحويل مسارات الثورة الى فوضى وأقتتال وفتنة ونزوح لاجئين ووصفها بالارهاب لعزلها عن محيطها الشعبي وأجبار الأخرين على عدم التحرك والقبول بالامر الواقع و بسياسيات الانظمة الحاكمة تجنباً للدمار والخراب. 
 لقد أطلقت الامبريالية والصهيونية والصفويين الجدد من اتباع نظام ولاية الفقيه الايراني يد الأنظمة الحديدية لتستخدم القوة المفرطة بشكل متعسف ضد الثوار والمدن والسكان المحليين، وتفننت الأنظمة بأستخدام وسائل العنف لاجهاض الثورات دون رقيب حتى وصل الامر لضرب المناطق المحررة بأسلحة الدمار الشامل والبراميل المتفجرة المحرمة دولياً، وحصار المدن وتجويعها وتحويل سكان البلد الى نازحين ومهاجرين ووقوع المآسي على المستوى الانساني دون أكتراث تلك الانظمة ووسط سكوت المجتمع الدولي. 
أفتقدت معظم الثورات الى المشروع والمنهاج الشامل للثورة والتغيير على المستوى السياسي والعسكري والذي يشكلان أهم ركائز المشروع الثوري، كما لم تبرز بشكل واضح القيادات الشعبية المؤثرة والموحدة والتي تستقطب الجماهير وتؤمن قيادتها بشكل موحد ومنسجم في مراحل الثورة كافة حتى بلوغ الاهداف النهائية. 
وجاءت حرب غزة وصمود أبنائها بوجه الألة الصهيونية العدوانية أمتداد مبارك وشجاع لسلسلة الثورات العربية التي أنطلقت من تونس ويقدر لها الله أن تستمر وتتوج بالنصر لتشمل أرجاء أقطار الأمة كافة. 
والأمة تمتلك سر قوتها عندما خصها الله برسالة الأسلام السمحاء وحق جهاد الأعداء، وبمقومات الثورة والوحدة والنهج السليم وعدم الركون الى الظلم والخنوع ،وأمة تكرم الشهادة والشهداء تأبى ان تنام او تستسلم الى ضيم مهما كبرت التضحيات ومهما طال الزمن. 
 صحيح ان المخاض صعب والتحديات كبيرة والتضحيات غالية وعزيزة ومراهنة الاعداء على كسب عامل الوقت، الا ان فجر الامة الجديد سيبزغ قريباً والولادة الكاملة ستكون قريبة بفضل سواعد الاحرار من أبناء هذه الأمة(كنتم خير أمة أخرجت للناس) 
 وتبقى الأمة ولودة للقادة العظام والأحرار والنساء أخوات الرجال رغم شراسة ومكر وكيد الأعداء. والله الموفق  
29 تموز 2014