بسم الله الرحمن الرحيم
مركز الثورة العربية للاستشارات
العسكرية
التدخل الأمريكي المحتمل في
سوريا
حتى نفهم الذي يحصل في سوريا بشكل
صحيح يجب أنْ نضع في تفكيرنا قاعدتين أساسيتين في أي صراع يقوم في منطقتنا العربية
أو ما يسمى ( بالشرق الاوسط ) ، وهما :
الأولى : إنّ أي ترتيب أو تحرك عسكري
أو سياسي أو اقتصادي أجنبي يجب أن يراعي مصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى .
الثانية : إن ما يسمى بالتغيير
الديمقراطي في عرف الغرب وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية هو المرادف للمصلحة
الغربية حتى لو كانت هذه المصلحة تقتضي بقاء الدكتاتورية أو الوقوف معها بوجه
الشعوب التي تناضل من أجل الحرية.
ومن هاتين القاعدتين ننطلق لتحليل
الوضع في سوريا حيث الثورة الشعبية المسلحة فيه ومنذ أكثر من سنتين ، ولكن لماذا
لم تساند الدول الديمقراطية كفاح الشعب السوري ضد الدكتاتورية الأسدية ؟ لماذا
تضغط إسرائيل على الدول الغربية والعربية لمساندة نظام الأسد والحفاظ عليه ولو
بعدم مساندة خصومه ؟ لماذا يسكت المجتمع الدولي على جرائم النظام السوري والتي
فاقت كل معقول ومقبول ؟ وأخيرا لماذا التلويح بالتدخل الآن ؟
للإجابة على هذه الأسئلة أقول :
إنّ النظام في سوريا كان وما يزال
يمثل صمام الأمان المهم بالنسبة لإسرائيل ، وقد أثبت عمليا هذا الأمر بسكوته لمدة
أربعين عاما عن احتلال إسرائيل للجولان ، بل وشكّل النظام حاجزا طبيعيا بين
إسرائيل وأعدائها في هذه الجبهة ، ولهذا ونتيجة لهذه الخدمات التي قدمها نظام
الأسد فقد حافظت عليه أمريكا وإسرائيل من التغيير وخصوصا الانقلابات العسكرية
وأمدته بكل وسائل البقاء المادية والمعنوية .
ولكن وفي ظل الثورات الشعبية التي
تشهدها المنطقة ضد الدكتاتوريات العربية والتي لسوريا نصيب فيها أيضا وهذه الثورات
خارج نطاق أو إرادة أو ترتيب الغرب فإنّ الولايات المتحدة وإسرائيل وقعتا بين
نارين، نار الحفاظ على الأسد وهو أمر مهم لضمان أمن إسرائيل ، ونار تأييد التغيير
إلى الديمقراطية ، وهو الشعار الذي تفخر به الدولتان بغض النظر عن مدى التزامهما
به ، فكان لا بد والحال هذه أن تقبل هاتان الدولتان بالتغيير ولكن التغيير الآمن
والذي يضمن مصالح إسرائيل والغرب كما أسلفنا في القاعدتين الاوليتين ، وهنا كان
الحل الأمثل هو إطالة أمد الصراع بين الأسد والشعب السوري لتحقيق عدة أهداف ، منها
:
- اضعاف سوريا وتدميرها بحيث تكون غير
قادرة على النهوض أو ممارسة أي دور في المستقبل إلا بمساعدة غربية .
- كسب الوقت لترتيب عملية التغيير
السياسي لمرحلة ما بعد الأسد .
- افساح المجال لقوات الأسد لإيقاع عدد
كبير من الخسائر البشرية وخصوصا بين المدنيين حتى يلجأ الشعب بسبب ما يتعرض له من
ضغوط لطلب المعونة العسكرية من الخارج لتخليصه من نظام الأسد الغاشم .
وقد حصل ما أرادوا ، فطلبوا من الدول
العربية والإسلامية إيقاف الدعم لقوات المعارضة إلا بالقدر اليسير والذي يجعلها
تتقدم بصعوبة مع انجازات بسيطة لا تستطيع معها تحقيق النصر الكامل على قوات الأسد
.
وهنا جاء التوقيت المناسب للتدخل ولم
يبق إلا الحجة لذلك أو ما يسمى بالسند القانوني ، وهذا لا يكون إلا بفعل كبير يقوم
به الأسد نتيجته أكبر خطرا من وصول الإسلاميين إلى السلطة وليحرك المجتمع الدولي
وبسرعة للخلاص منه ، وأفضل هذه الحجج هو السلاح الكيماوي المحظور ، ولهذا نجد
الأسد ورغم معرفته بالألاعيب السياسية وبالخطوط الحمراء إلا أنه تجاوزها وبحركة
صبيانية استعراضية وذلك بضرب ريف دمشق وعلى نطاق واسع بالسلاح الكيماوي المحظور ،
وهنا أُعطيت الحجة للغرب على طبق من ذهب لتحقيق هدفين مهمين :
الأول: توجيه ضربة عسكرية لمواقع
محددة سلفا وقد تكون بالاتفاق يُدمر فيها
عامر سلمان العكيدي
20 / شوال / 1434 هـ
27 / 8 / 2013 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق