الأحد، 8 سبتمبر 2013

الأمة وثورات التحرر الشعبية

بسم الله الرحمن الرحيم
 
مركز الثورة العربية للأستشارات العسكرية

الأمة وثورات التحرر الشعبية
                     
التحرر الوطني من الإحتلال الأجنبي بأشكاله كافة ومن تسلط الأنظمة الحاكمة المستبدة يعد من المحطات الحاسمة والمضيئة في تاريخ الشعوب والأمم، ومحط أعتزاز وفخر الشعوب لما يمثله من نبل وسمو ألاهداف وعدالة القضية وصدق وشجاعة الرجال وسخاء التضحيات.
تعرف ثورة التحرير الشعبية بأنها صراع عادل تستخدم فيه القوى السياسية والعقائدية والعسكرية لشعب من الشعوب ضد قوة محلية متسلطة أو قوة أجنبية محتلة .وهي شكل من أشكال الحرب الثورية تخوضها الشعوب للخلاص من القهر والظلم والاضطهاد والعنف الذي تفرضه عليه قوة الاحتلال الاجنبي اوالسلطة الحاكمة التي تستخدم القوة والعنف لضمان استمرار سلبها وأغتصابها للسلطة. وهي حرب سياسية تعتمد بالاساس على ضرب ركائز العدو السياسية والاقتصادية والعسكرية وخلق واقعا سياسيا يتم التحرك عليه سياسياً ودبلوماسياً.
وثورات التحرير الشعبية كانت ومنذ القدم ومازالت مداراً لاهتمام الفكر السياسي والعسكري والجماهير التي تنتظم في فعل المقاومة وحركات التحررالوطني وثورات التحرر تشكل الطليعة الرائدة التي تدرك أهداف ومصالح الشعب وتوظف قدراتها من اجل خلق واقع جديد تستعيد الشعوب فيه توازنها ومن ثم تتعرض ضد مرتكزات العدو بشكل يهدف الى تقويض سياسة الأستبداد والقمع وتحقيق التحرير والاستقلال والسيادة.
والأمة في المرحلة الراهنة بحاجة ماسة لمشروع تحرير شامل تنهض به الشعوب من أجل التحرر والاستقلال والسيادة وإنهاء التبعية للأجنبي والخلاص من أنظمة الحكم القمعية التي تسير من الأجنبي وتعرقل وحدة ونهوض الامة وإستعادة سيادتها ومكانتها وقيمها.


سمات حرب التحرير الشعبية
حرب التحرير الشعبية تمتاز بسمات محددة من اهمها:
أولا- حرب شعبية تلعب فيها الشعوب الدور الأساس من خلال مشاركتها الفاعلة وتكوين الحاظنة الداعمة والمؤيدة ومساهمتها بالعمل المسلح للتصدي الى ادوات القمع . وتعد الحرب الشعبية ناجحة إذا استطاعت تكوين قاعدة شعبية واسعة لها.
ثانيا- حرب عادلة وشرعية: حرب عادلة في المعايير كافة من النواحي القانونية والشرعية والاخلاقية والغايات والاهداف الاساسية . وتستند عدالة حرب التحرير الى حق الشعوب في الدفاع الشرعي وحق تقرير المصير واحترام حقوق الانسان.
ثالثا- حرب أستنزاف طويلة الامد: الأفضلية في هذا الصراع للحسم السياسي على الحسم المسلح من خلال إعتمادها إستراتيجية الحروب الطويلة التي تعتمد على استنزاف الخصم مادياً وبشرياً ومعنويا لكسر إرادته على القتال وإيصاله الى حالة من الضعف واليأس ومن ثم الأستسلام.
رابعا- عدم تكافؤ القوى : سواء كان العدو احتلال عسكري او نظام مستبد فمعيار القوى المادية ليس في جانب الشعوب المقهورة التي تتفوق على الخصم بالجانب المعنوي والعقائدي. لذلك ينبغي اللجوء الى المقاومة الشعبية من خلال اعتماد اساليب الحرب غير المتماثلة(حرب عصابات وعمليات خاصة والجماعات الصغيرة ) وحشد القوى الشعبية وتطويع العامل المعنوي والعقائدي للتقليل من التفوق المادي للعدو.
سادسا- صراع إرادات : وهذا  يتجلى بوضوح في ثورة التحرير الشعبية فالصراع بين ارادة شعب يتطلع الى الحرية والاستقلال  وإرادة عدو غاشم  طامع متمسك بالسلطة  ، فالطرف الذي يتمكن من كسر وثني ارادة الخصم هو من ينتصر في النهاية وإرادة الشعوب لن تقهر ودوما تنتصر في نهاية المطاف اذا أحسنت القيادات التعامل معها.  
متطلبات حرب التحرير الشعبية
تنطلق الثورة وفق معايير وأسس ومتطلبات بشرية ومادية ومعنوية وعقائدية:
اولا- العقيدة الراسخة والمعنويات العالية التي تنبثق من الايمان بعدالة القضية والحق بالدفاع الشرعي وتقرير المصير ورفض الواقع الذي يغتصب هذه الحقوق . وعقيدة الاسلام الحنيف هي الركيزة الاساسية لمنطلق أبناء الامة في جهادهم ومقارعتهم للأجنبي المعتدي وللحاكم المستبد.
ثانيا- إعداد مشروع الامة السياسي الذي يتضمن الأهداف الاساسية للثورة والتي تغطي مطالب وطوحات الشعب ، على ان يشمل هذا المشروع الرؤية الوطنية لمرحلة الثورة ومرحلة ما بعد التحرير وفي الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ووحدة الهدف تعد اساس في عمل قوى الثورة لتوحيد الجهود وتوجيهها نحو الاتجاه الحاسم وفي الزمان المطلوب.
ثالثا- المحيط الشعبي الذي يرى في الثورة حاجة له فيقدم على مساعدتها والاندماج معها ، وينبغي أن يكون هناك تكامل بين الثورة ومحيطها وأنسجام بارأي الوطني نحو تحقيق التحرر والاستقلال. ونركز في هذا المجال على التوعية والتمسك بمنظومة القيم العربية والاسلامية التي هي معين لاينضب في مجال قيمة الانسان وتحرره ورفض العبودية والوقوف بوجه الحاكم الجائر.
رابعا- القيادة الشعبية المؤثرة والقادرة على استنهاض قدرات وطاقات الشعوب من اجل التحرر والاستقلال واستعادة السيادة. ونركز على وحدة القيادة على المستوى السياسي والعسكري التي من خلالها يتم توحيد الجهود وأستثمارها بالشكل السليم. وقيادات التحرير تكسب رضا وتأييد الجماهيرعندما تكون قيادات نزيهة وشجاعة تؤمن بالعمل الجماعي وبعيدة عن الطموحات والمصالح الشخصية.
خامسا-  تأمين المتطلبات المادية للصراع وهي مكملة للجوانب العقائدية والمعنوية للدفاع عن الشعب من بطش السلطة وردع قواتها.
سادسا- كسب الرأي العام الدولي من خلال عرض قضية الشعب العادلة وما يتعرض له من ظلم ودمار وقمع وتجويع على يد السلطة الغاشمة .
سابعا- الحرب الإعلامية والنفسية تساهم في هزيمة وإحباط العدو نفسيا ومعنويا وفي الوقت ذاته تساهم في رفع معنويات طلائع الثورة والجماهير . ينبغي التركيز على اعلام الثورة المقاوم الذي يرتقي لخلق الاسطورة بان ثورة الشعب لاتخشى السلطة بل الحاكم هو من يخشاها.

الخاتمة
الأمة قوية في عقيدتها وفي منظومة القيم العربية الاسلامية وأرثها زاخر بالتضحية والفداء، وعزة الامة في وحدتها وتضحيات وجهاد ابنائها.  وإرادة وقدرة الشعوب ليس لها حدود عندما تدرك طريقها وتمتلك أدواتها وتوحد جهودها وتنتخب قياداتها الشجاعة و تستنهض قيمها وتحفيز الارادة الوطنية والقومية ورفض سياسية القمع والاستبداد والوقوف بوجه الحاكم الجائر . وفي نهاية المطاف نختم بقول شاعرنا العربي ابو القاسم الشابي:

إذا الشعب يوما اراد الحياة         فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن  ينجلي                ولابد للقيد أن ينكسر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق