بسم الله الرحمن الرحيم
مركز الثورة العربية للاستشارات العسكرية
الثورات العربية بين المرابطة والحسم
(وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة ومن رباط الخيل)
الثورة الشعبية في واقعها ديناميكية تتطلب الابداع والروح التعرضية في وسائلها واساليبها لحسم عملية التغيير بالسرعة الممكنة وعدم الأنجرار الى معارك دفاعية
طويلة الأمد يخطط لها النظام لضمان بقائه على رأس السلطة واللعب على عامل
الزمن والمتغيرات الدولية والاقليمية لاضعاف الثورة وفقدانها الحاضنة الشعبية، ويصبح حسم الثورة واقترابها من اهدافها النهائية بعيدة المنال.
من المفاهيم السائدة لدى بعض كتائب الثوار بأن عملهم الاساس هو المرابطة في مناطق سكناهم لحمايتها من قوات النظام والمليشيات والعصابات الاجرامية، وحماية المدنيين واجب شرعي ووطني لاغبار عليه، بيد أن الثورة تحتاج الى حسم لأن
في تأخر حسمها مردودات سلبية على المواطنيين وحياتهم المعاشية وازدياد
اعداد اللاجئين واستنزاف قوى الثورة مادياً وبشرياً وبروز ظاهرة امراء
الحرب وفقدان الحاضنة الشعبية، مقابل تقوية الأنظمة المستبدة وزيادة حقدها وانتقامها على الشعب والثورة.
مصطلح الرباط في الفكر
العربي الاسلامي يطلق على كل موقع حصين ينشأ على الحدود يقيم فيه ويلازمه
اولئك الذين نذروا انفسهم للجهاد في سبيل الله ورغبة في نيل ثوابه، وتأهبوا
بخيولهم وعدتهم مستعدين للدفاع عن حدود البلاد وحراستها وصد غارات وهجمات
الاعداء ومراقبة تحركاتهم. ويرتبط نظام الرباط في الفكر الاسلامي بعقيدة
الجهاد التي تشكل سنام الاسلام وقد ظهرت الحاجة اليه منذ عهد الرسول صلى
الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين رضوان الله عليهم كوسيلة لرد الاعداء
ومطامعهم وحماية الدولة الاسلامية الفتية.لذلك انتشرت القلاع والحصون والابراج لتأمين متطلبات الرباط.
والرباط في المعنى العسكري التقليدي يقترب من صفحة الدفاع لحماية الحدود وصد هجوم الاعداء الطامعين.
أنتشر مفهوم المرابطة في الثورات العربية وهو من ناحية حماية المدن والقصبات والقرى من هجمات قوات النظام وعصابات المليشيات سليم ولكن لاينبغي تعميمه على كل المناطق والقصبات سيما البعيدة عن تأثير القوات الحكومية والتحول الى الاستكانة والمهادنة واستنزاف الثورة ماديا وبشريا ومعنويا.
فالثورات العربية ومن ورائها قدرات الامة لديها من الامكانيات البشرية والمادية مايمكنها للتحول الى العمليات التعرضية المحسوبة والحاسمة لتغيير مجرى الثورة ووضع الأنظمة وقواتها في حالة الدفاع والاستنزاف وتدهور ارادته على مواصلة القتال والاستسلام.
وفي هذا المجال نوصي بالمقترحات الاتية:
اولا- فرز قوة مناسبة للرباط ضمن التشكيل لحماية وحراسة القواطع المخصصة وتحرير باقي الكتائب للقيام بالعمليات التعرضية .
ثانيا- التخطيط الجيد المبني على المعلومات الدقيقة لتحرير الحواجز ومواقع قوات النظام والمليشيات ضمن قواطع التشكيلات باسبقية اولى وتطهير المناطق تحت السيطرة والقريبة.
ثالثا-
تنسيق الفعاليات ضمن القواطع كافة لادامة الزخم والضغط على النظام. ومن
الخطأ الجسيم ان تقوم تشكيلات محددة بالتعرض والاخرين يتقرجون ويقفون على
الحياد.
رابعا- التعاون والتخطيط للقيام بالعمليات المشتركة بين التشكيلات المختلفة للقيام بعمليات حاسمة وكبيرة ومؤثرة لها تأثير نفسي ومعنوي على النظام كتحرير مدينة كبيرة او موقع عسكري( مقر قيادة – مطار عسكري – مستودعات اسلحة وذخائر استراتيجية – عقدة مواصلات – موانئ )
خامسا- شن غارات ودوريات قتال لحرمان الطرق وضرب ارتال القوات الحكومية ومنع وصول الامدادات لها.
سادسا- توحيد الجهود وتهيأة المتطلبات لتحرير محافظة واعلانها منطقة محررة .
سابعا- تبقى العواصم التي يتحصن فيها النظام الهدف الاستراتيجي والحاسم للثورة لذلك ينبغي ان تنسجم مجريات الفعاليات التعرضية كافة مع تحقيق هذا الهدف.
ثامنا- التدريب على العمليات التعرضية والعمليات المشتركة بالشكل الذي ينمي قدرات المقاتلين ويرفع معنوياتهم واندفاعهم .
وفي الختام فأن الاستكانة تحت غطاء الرباط لن تحسم المعركة لصالح الثورة ويتحول الواقع الى حرب طويلة الأمد تسنزف بها الثورة وأمكاناتها دون الاقتراب من هدفها النهائي ويبقى التعرض هو خير وسيلة لبلوغ الأهداف والتحرير وأسقاط الانظمة البائدة وتعميم بشائر النصر على ربوع الأمة التي بلغت حدودها اسوار الصين من خلال الفتوحات العظيمة. والله من وراء القصد.
7 مارس/ اذار 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق